مقتل مواطن في زحام أمام فرن عيش .. المواطن تجاوز دوره فلقى حتفه بطعنة نافذة
عندما تسمع بخبر كهذا
فيبقى أحنا أكيد أكيد في مصر
عندما يفقد الإنسان حياته ، ثمنا لعشرة أرغفة عيش بنص جنيه .. لا نص جنيه إيه ؟ بخمسين قرش ! فأكيد الانسان ده مصري ، لقمة العيش بقى ثمنها الحياة ، هي لقمة العيش اللي غلت و لا المواطن المصري هو اللي رخص !
بعد آخر قاتم لصور سوداوية زي الزفت لبلد أصبحت بترجع لورا .. انتبه مصر ترجع الى الخلف .. دا ادق تعبير لما نعيشه من تدهور طال لقمة العيش ايضا ، اصبح الناس يقتلون بعضهم نظير ان يحتل لحدهم مكان واحد في الطابور ، و من أجل أن يختصر من الساعات التي يقضيها في الفرن بضع دقائق ، يقدم على أن يختصر أيضا من بين الثمانين مليون مواطنا
إن حديثي هذا يأتي في إطار ذلك الاضراب الذي تم إعلانه يوم 6 إبريل القادم ، كإضراب عام للشعب المصري . ذلك الإضراب الذي يأتي كحركة احتجاجية ضد الإرتفاع الغبي للأسعار في مصر بدء من أسعار المواد الغذائية وصولا إلى أسعار الأراضي و العقارات مرمورا بأسعار مواد البناء من حديد و أسمنت . كل شيء في مصر يرتفع سعره إلا المواطن المصري فسعره ينخفض دوما ، فالمواطن المصري ليس له قيمة يعيش حياة بائسة ، يجد فيها بالكاد لقمة عيشه ، يحيا جائعا .. ضمئا .. عاريا .. عازبا .. عاطلا .. شقيا .. تعسا .. كل ذلك من في صراع من أجل لقمة عيش .. وحين يموت ، يموت غريقا في عبارة .. حريقا في طائرة .. صريع أتوبيس .. بطينا في حالة تسمم .. أو حتى طعينا في فرن عيش بلدي .. فهو يموت أيضا نظير لقمة العيش
أؤمن جيدا بمقولة العالم و المفكر الشيخ إبن تيمية و التي يقول فيها
أن ساعة تمرد يحدث فيها من الخلل و الإضراب و القلاقل ، ما يتجاوز ما يمكن أن يحدث في حكم 100 عام من الظلم
لقد صدق ابن تيمية في كل حرف قاله فكل ثورة أو تمرد أو حركة شعبية ، كلها اصطبغت بلون أحمر ، لون الدماء ، كلها كتبت بقلم من عظام الشعوب و رويت بدمه ، دم الشعوب ، فلا الحاكم و لا الجيش و لا الشرطة يخسر شيئا ، فالشعب هو الخاسر الوحيد . و لذلك فكان لا بد من وقفة
فاضراب يوم السادس من إبريل ، لا بد أن يعمل منظموه على أن يكون اضرابا ابيض
يلتزم بحدود الغاية منه . و الاتزام بحدود تلك الغاية ، يحتم علينا أولا أن نعي تلك الغاية
و الغاية من هذا الاضراب هو وقفة في وجه ارتفاع الاسعار . و بهذا يكون السلاح الناجع و الآداة الفاعلة في هذا اليوم هو التوقف فقط عن شراء أي سلعة ، دون تجمعات و دون اضراب عن العمل ، ودون هتافات
إن التوقف عن شراء اي سلعة هو الآداة المناسبة للتعبير عن السخط الجماهيري تلقاء ارتفاع الاسعار
هو وسيلة ذات كفاءة للتسبب في خسارة لكل تاجر يراهن و يقامر بمصير شعب بأكمله
لكل تاجر تخلى من كل معنى من معاني الوطنية و الاتزام و الانتماء لهذا الوطن فمضى يخزن السلع ليؤدي هذ الى تعطيش السوق حتى يطرح تلك السلع بعد ذلك بسعر أعلى
لكل تاجر يقوم بأخس و أبشع عملية سرقة وسط ظروف ينبغي أن تدفع الى إلتحام الشعب ووقوفه في تكاتف مع استحضار قيم النخوة و التخلي عن أحلام الثراء على حساب ، بل على جثة البؤساء من ابناء هذا الشعب
انه وسيلة ذات كفاءة للوقوف في وجه سياسات حكومة من رجال الأعمال الذين يفهمون جيدا آليات السوق و لعبته ، يفهمون طرائق الاستثمار و تفاعلاته و مطالبه ، ولكنهم ربما لا يفهمون شيئا غير هذا ، لقد توارثوا الثروة فلم يخرجوا من بين صفوف الشعب الغفيرة ، لم يحتكوا بهم ، لم يتعرفوا على مشكلاتهم ، لا يعرفون مشكلات الناس الا عبر وسائط كالتقارير و الجلساء و لا يرون تفاصيل الشارع المصري الا من خلف ستائر نافذات عرباتهم الفارهة
انهم يطبقوا أليات السوق و قوانين الاقتصاد و منحنياته بطريقة جافة جامدة دون أدنى قدر من الانسانية ودون اي بعد بشري عاطفي
لقد أصبحت مصر أيها الاخوة و الاخوات مقلا يضرب في الفقر و الغلب و قلة الحيلة و الصراع على لقمة العيش
أما أن لتلك الطاحونة أن تتوقف عن فرم عظام المصريين
أما أن لهذا الشعب أن يأخذ كل فرد نصيبه الطبيعي و حقه المشروع من الدخل القومي
أما آن للمصري ان يعيش حياة كريمة
إن إضراب يوم 6 إبريل هو فرصة ليتأكد كل مصري من أن ضميره ما زال حيا ، أنه فرصة جدية لنؤكد للعالم أجمع أننا ننتفض و نثور و اننا لم نركن الى تلك الظروف المصطنعة التي يوهموننا به و يوهموننا ان ارتفاع الاسعار امر عالمي وان مصر جزء من سياق عام و نقطة في قلب مناخ يشغى بأليات أقوى منا تحركنا و لا نتحكم بها ، نريده اضراب ابيض لا يتجاوز الامتناع عن الشراء الا في الحدود القصوى ، الحدود الإنسانية فحسب
وليرتدي الكل السواد على مصر و ليصرخ الكل في رثائها : كان بدري عليكي يا دلعدي ، ما كانش يومك يا شابة
الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها
تحيا مصر