كم غدوت أشفق على كاتب المقال اليومي.. خاصة في وطن مشتعل كمصر.. يحيا مرحلة إستثنائية من التحولات شديدة السرعة على الأصعدة السياسية والإجتماعية والإقتصادية.. تنام على قرار رئاسي فتصحو على إلغاءه.. تطفأ عربتك ثم تعود فلا تجدها.. تتقاضى أجرك هذا الشهر ثم تجد نفسك في الشهر التالي "على باب الكريم".. هنا تكمن صعوبة كتابة مقال يومي من المفترض أن يتناول أهم ما أثار كاتبه خلال ساعات اليوم القليلة.. لهذا لجأ العديد من الكتاب إلى إضافة سطر في مقالاتهم قد يبدو ليس ذا معنى.. سطر يشير خلاله إلى خصوصية اللحظة التي جلس فيها ليكتب سطوره.. ليتنصل به مما قد تحمله الساعات القادمة من مفاجآت.
فرضت علي تطورات هذه المرحلة الإستثنائية ذاتها والتحولات المتسارعة أن أهجر مدونتي الغالية ( موجة) لنحو عام ونصف.. فسرعة التفاعلات قد تجبرك على أن تعبر عنها بأقل عدد ممكن من الحروف.. العدد الذي يكفي بالكاد لأن يعكس فحسب رد فعلك الأول تجاه الحدث.. وبقدر ما يكون رد الفعل الأول أكثر صدقاً، بقدر ما يكون منفعلاً مفتقداً للهدوء اللازم للتحليل.. ولكن أي تحليل وسط إندفاع الأحداث غير المسبوق ؟ فما أن يبدأ عقلك في إستيعاب الحدث والبدء في الإعداد لعملية التحليل حتى يختفي الحدث تماماً.. يتلاشى.. أو يندثر تحت أنقاض من أحداث جديدة تجبره على أن يتوارى وراء حدث آخر أكثر أهمية.. كانت تلك نقطة ضعف لدى الكثير من المراقبين للشأن المصري لم يساهم في تجاوز آثارها سوى مواقع التواصل الإجتماعي.. وإذا كان (تويتر) يضع حدوداً لعدد الأحرف المتاحة للتعبير عن الحدث.. فإن (فيسبوك) يفتح لك آفاقاً غير عادية من التعبير من خلال الحروف والصور والفيديوهات.
لكنني أعلنها اليوم بكل وضوح.. أنني قد إتخذت قراراً وأريدكم جميعاً أن تساعدوني عليه.. لقد قررت أن أعود إلى بيتي ومدونتي (موجة).. لأخط على سطورها كل ما يعتمل في صدري من قلق بالغ على مستقبل مصر.. وما تشهده حياتي من نجاح وإخفاق وأمل وألم وإبتسامة ودمع.. إنها نافذتي التي فتحت لي أفاقاً رحبة على الدنيا ولن أغلقها بعد اليوم.. لن أغلقها بعد اليوم.