اللعنة على حالة الغليان التي
تعيشها المنطقة العربية منذ نحو
أربع سنوات .. وتيرة الأحداث تتسارع على نحو يبعث على القلق، ويجعل من الصعوبة
بمكان، أن تقف للحظات لتراقب الأوضاع من حولك، وتخضعها للتحليل ، لاسيما
أن تكتب عنها .فمنذ أيام، بدأت في كتابة تدوينة جديدة عن "فن
المسافات" بين البشر والأحبة .. ولم أكد أنتهي من بضعة أسطر، حتى سقط النظام
اليمني الجديد في فخ عصابة الحوثيين .. فقررت أن أكتب حول حالة اليمن ومستقبل مضيق
باب المندب وقناة السويس .. وما أن أمسكت بالقلم، حتى غيب الموت العاهل السعودي
الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.. فما أن أوشكت أن أنعي الفقيد العظيم حكيم
العرب.. حتى سقطت شيماء الصباغ !
رحم الله شيماء الصباغ وأسكنها فسيح جناته وألهم ذويها وطفلها الصبر .. ولعن الله قاتلها أياً كان ، وأياً كانت هوية البندقية التي كان يحملها ـ ملكي أو ميري ـ والتي أطلق منها الخرطوش الأسود ليغتال روح شيماء بكل خسة. والحقيقة أن زمن .. "الطرف الثالث" .. "اللهو الخفي" .. "الملثم" .. "اليد العابثة" قد مضى هذا الزمن ولملم أذياله ورحل .. والعدو الذي تواجهه مصر ، قد بدا، وظهر، وتجلي، وأطل بوجه القبيح، وبدأ يطلق الرصاص ويزرع العبوات الناسفة منذ نحو عام ونصف ضد الشعب بأكمله .. مواطنين وشرطة وجيش وقضاء . فالجماعة الإرهابية لا تدخر جهداً في سبيل إشعال الشارع المصري وتحريكه في الإتجاه الذي يخدم مصالحها في عودة نظام المرشد ثانية إلى سدة الحكم، لذا أتعجب حين أجد من يسأل : من قتل شيماء الصباغ ؟ ، بل وأتعجب أكثر حين يشير البعض لأصابع الاتهام لوزارة الداخلية .
ولكن حين يواجه الوطن إرهاباً
حقيقياً ويمضي لتنفيذ خطة جادة للإنقاذ الإقتصادي .. فإن آخر ما يحتاجه من مواطنيه
، الخروج للتظاهر .
وإلى باب المندب، حيث من المتوقع
أن تفرض التحولات السياسية على أرض اليمن واقعاً جديداً في البحر الأحمر .. وربما
أدرك اليوم فقط لماذا بعث جمال عبد الناصر قوات مصرية لتشارك في حرب اليمن في
ستينيات القرن الماضي .. كنا ننعت هذا السلوك من جانب الزعيم الراحل، بالتهور
وإقحام مصر في معارك لا ناقة لها فيها ولا جمل .. ولكن يبدو لي الآن كما كان يدرك
أن كل ما يحدث في اليمن سيكون له صدى في مصر، وأنه لا يمكن السماح بأي حال من
الأحوال لأي شيء يمكن له أن يؤثر يوماً ما على قناة السويس شريان الحياة . لست
أحبذ أي تدخل عسكري مصري في أية بقعة في العالم ولكن على المصريين أن يدركوا أن
وصول الحوثيين إلى الحكم في صنعاء يمثل تحدياً جديداً لمصر إلى جانب الحرب على
الإرهاب، وسد النهضة، والنمو الإقتصادي، تحدياً لا يهدد حاضر قناة السويس بل
ومستقبل القناة الجديدة ، وعلى مصر أن تعمل مع شركائها في العالم لضمان تأمين مرور
السفن في مضيق باب المندب.
ولأشقائنا في المملكة العربية
السعودية ، أتقدم باسم مدونة "موجة" بخالص العزاء في وفاة العاهل
السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، متمنياً للملك سلمان بن عبد
العزيز والأسرة الحاكمة الاستمرار في نهج المملكة في دعم قضايا الأمة العربية
والإسلامية والسلام في العالم.