كم أشفق على الزوجة الثانية ؟!!
قد يبدو حديثي صادماً ، فالغالب يرون أن الزوجة الأولى هي من يستحق مشاعر الشفقة وإحساس التعاطف وعبارات المواساة.. بينما لا تستحق الزوجة الثانية ”خطافة الرجالة" كما ينعتونها .. سوى مشاعر البغض وإحساس الكراهية وعبارات التوبيخ.
ولكني أشفق على الزوجة الثانية ، وأراها الأحق بالتعاطف والمواساة ، وأرى أن الظلم الواقع عليها أكبر وأعمق ، من ذلك الذي يقع على الزوجة الأولى حين تشعر أن زوجها لم يعد ملكاً لها وحدها ، بل أن لها فيه شريكة ، سوف تتقاسم إياها مع ذلك الرجل ، العمر والوقت والمشاعر واللحظات الحلوة والمرة وليالي الحب.
إن الزوجة الثانية تتحمل عبئاً كبيراً حيث يكون عليها سد كل مكامن النقص التي يراها الزوج لدى الزوجة الأولى ، وتعويضه كل ما يشعر أنه قد تحمله وقاساه في بيته الأول.
والزوجة الثانية ليس أمامها بديل آخر عن أن يجد الزوج لديها كل ما لم تستطع الزوجة الأولى أن تمنحه إياه .. فعليها أن تتجنب كل ما دفع الزوج للبحث عن بديل لواحته الأصلية، فهي مرغمة على أن تبتعد عن الرتابة والكآبة والنكد والملاحقة والزن ورائحة البصل والعرق والدموع .. عليها أن تتجنب ذلك كله .. وأن تتزين وتتعطر وترسم إبتسامة عريضة وهي تستقبل "سي السيد" مهما كان يعتصرها من ألم أو تعب أو معاناة.
إن الزوجة الثانية لا تملك رفاهية أن تشكو إلى أحد ـ حتى إلى أقرب الناس إليها ـ فهي تعلم جيداً الرد الذي ستتلقاه .. "ماحدش ضربك على إيدك" ، وعبارات عن "القربة المخرومة" التي وافقت على حملها منذ البداية ، وكثير من اللوم .. فهي مرغمة على أن تتحمل كل سخافات الزوج ومصائبه بصمت وسكون ، وأن تعالج كافة الأمور بمفردها، وتتحمل تبعات ذلك كل من الكبت الذي يولد الضغط النفسي والعصبي.
إن الزوجة الثانية تتحمل نظرات المجتمع إليها كلص سرق زوجاً ، دون أن يحاول أحد أن يدرك أنها أيضاً ضحية .. وأن لحظات الحب والفرح في حياتها لن تتجاوز شريطاً سينمائياً قصيراً .. فهي في مهب أحاسيس من الخوف وعدم الثقة ، الخوف من أن يتسلل الملل إلى زوجها ، فتغدو مطلقة ، وعدم الثقة في أن يأتي يوم ويشاركها فيه زوجة ثالثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق