الأربعاء، 19 أغسطس 2015

كم أشفق على الزوجة الثانية ؟!!




كم أشفق على الزوجة الثانية ؟!!

قد يبدو حديثي صادماً ، فالغالب يرون أن الزوجة الأولى هي من يستحق مشاعر الشفقة وإحساس التعاطف وعبارات المواساة.. بينما لا تستحق الزوجة الثانية ”خطافة الرجالة" كما ينعتونها .. سوى مشاعر البغض وإحساس الكراهية وعبارات التوبيخ.

ولكني أشفق على الزوجة الثانية ، وأراها الأحق بالتعاطف والمواساة ، وأرى أن الظلم الواقع عليها أكبر وأعمق ، من ذلك الذي يقع على الزوجة الأولى حين تشعر أن زوجها لم يعد ملكاً لها وحدها ، بل أن لها فيه شريكة ، سوف تتقاسم إياها مع ذلك الرجل ، العمر والوقت والمشاعر واللحظات الحلوة والمرة وليالي الحب.

إن الزوجة الثانية تتحمل عبئاً كبيراً حيث يكون عليها سد كل مكامن النقص التي يراها الزوج لدى الزوجة الأولى ، وتعويضه كل ما يشعر أنه قد تحمله وقاساه في بيته الأول.
والزوجة الثانية ليس أمامها بديل آخر عن أن يجد الزوج لديها كل ما لم تستطع الزوجة الأولى أن تمنحه إياه .. فعليها أن تتجنب كل ما دفع الزوج للبحث عن بديل لواحته الأصلية، فهي مرغمة على أن تبتعد عن الرتابة والكآبة والنكد والملاحقة والزن ورائحة البصل والعرق والدموع .. عليها أن تتجنب ذلك كله .. وأن تتزين وتتعطر وترسم إبتسامة عريضة وهي تستقبل "سي السيد" مهما كان يعتصرها من ألم أو تعب أو معاناة.

إن الزوجة الثانية لا تملك رفاهية أن تشكو إلى أحد ـ حتى إلى أقرب الناس إليها ـ فهي تعلم جيداً الرد الذي ستتلقاه .. "ماحدش ضربك على إيدك" ، وعبارات عن "القربة المخرومة" التي وافقت على حملها منذ البداية ، وكثير من اللوم .. فهي مرغمة على أن تتحمل كل سخافات الزوج ومصائبه بصمت وسكون ، وأن تعالج كافة الأمور بمفردها، وتتحمل تبعات ذلك كل من الكبت الذي يولد الضغط النفسي والعصبي.

إن الزوجة الثانية تتحمل نظرات المجتمع إليها كلص سرق زوجاً ، دون أن يحاول أحد أن يدرك أنها أيضاً ضحية .. وأن لحظات الحب والفرح في حياتها لن تتجاوز شريطاً سينمائياً قصيراً .. فهي في مهب أحاسيس من الخوف وعدم الثقة ، الخوف من أن يتسلل الملل إلى زوجها ، فتغدو مطلقة ، وعدم الثقة في أن يأتي يوم ويشاركها فيه زوجة ثالثة.

الأربعاء، 13 مايو 2015

السيسي Vs تشرشل


"ليس لدي ما أقدمه .. سوى الدماء، والكدح، والدموع، والعرق"

كم هي قريبة هذه العبارة، من واقعنا الذي نعيشه ؟؟

في يوم كهذا، الثالث عشر من مايو، من عام 1940، قال هذه العبارة ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني (1874 ـ 1965) في خطابه الأول أمام مجلس العموم، كان خطابه صادماً، حيث حمل قدراً كبيراً من المصارحة والمكاشفة للشعب، وعبر بمنتهى الصدق عن تلك المرحلة الدقيقة التي كانت تعيشها بريطانيا، التي كانت تأن تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة، وواقع سياسي معقد، بينما طبول الحرب العالمية الثانية قد بدأت تدق.
    
أتذكر تلك العبارة وذاك الخطاب، كلما إستمعت إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي يخاطب الشعب، فكلمات الرئيس أيضاً تأتي واقعية، وخطاباته لا تحاول تجميل الواقع بقدر ما تسعى لإيضاح الحقائق وكشفها أمام المواطن المصري بلغة بسيطة وعبارات غير معقدة. وكما كان تشرشل يحاول أن يوضح للمواطن الإنجليزي حينها، كيف أن المرحلة صعبة وتحتاج إلى الجهد والدمع والعرق، فالرئيس السيسي يحاول اليوم أن يؤكد في كل مرة يطل فيها على مواطنيه، كيف أن مصر تبنى من جديد، ولكنها تواجه حالة مخاض صعيبة في ظل محاولة تجاوز مرحلة التراجع الإقتصادي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة المصرية الحديثة على أسس سليمة، فالمرحلة غير سهلة ولا نملك فيها رفاهية الراحة والعبث، بل وحتر رفاهية المحاولة، فليس لدينا نحن المصريون خيار آخر غير أن نبني بلادنا ونستعيد دورنا بين أمم العالم وشعوبه، هذا ما يحاول الرئيس السيسي أن يؤكده لمواطنيه، وما تحاول الحكومة الحالية أن تعمل من أجل تحقيقه، وكأنه يود أن يقول "ليس لدي ما أقدمه .. سوى الدماء، والكدح، والدموع، والعرق".
  
لم تكن عبارة "ليس لدي ما أقدمه .. سوى الدماء، والكدح، والدموع، والعرق"، هي وحدها التي استحضرها اليوم لتعبر عن واقع مصر الذي نعيشه، ففي خطاب تشرشل، إختتم رئيس الوزراء البريطاني حديثه قائلاً : "سنحارب ونقاتل، وستزداد ثقتنا وتغمرنا قوتنا، سندافع عن أرضنا مهما كان الثمن، لن نستسلم أبداً، وسنؤدي واجباتنا، ونتحمل سوياً، وسيقول الرجال يوماً ما، أن تلك اللحظة هي أروع اللحظات التي مرت بهم". 

الجمعة، 20 مارس 2015

مصرُ المستقبل .. لحظةٌ فارقة


اللحظاتُ الفارقةُ المُفرحة في حياتي يمكنني أن أعُدُها على أصابعِ إحدى يداي، ولم تكن تلك اللحظات الفارقةُ، فارقةً في حد ذاتها، وإنما من أجل المقدمات التي أفضت إلى تلك اللحظات، وليس ما أقوله هنا ضرباً من الجدل الفلسفي أو التأمل الأفلاطوني، وإنما توصيفاً واقعياً لحقائقَ لمستُها في مراحل عمري المختلفة. فلحظة اجتياز الثانوية العامة بمجموعٍ مرتفعْ لم تكن لحظةً فارقةً في حد ذاتها،  بل كانت اللحظة الفارقة قبلها بعامين حين اخترت أن أدرس بالقسم الأدبي، كما أن لحظة زفافي لم تكن لحظةً فارقةً، إذا ما قورنت بلحظةِ أن تلقيتُ مكالمةً هاتفيةً من والدي قبل الزفاف بعامْ يبلغني فيها موافقته على ارتباطي بالمرأة التي أحببت، وكذلك لحظة ولادة ابني الأول، فإنها تتضائل كلحظةٍ فارقة، حين أقارنها بلحظة أن أبلغتني زوجتي الحبيبة قبل الولادة بتسعة أشهر : أنا حامل .

وظلت اللحظات الفارقة المفرحة في حياتي، ترتبط وتلتصق بأمور شخصية، وطموحات وأمنيات خاصةً بي، حتى كان يوم 11 فبراير 2011 فقد مثل رحيل الرئيس حسني مبارك حينها أول اللحظات الفارقة المفرحة في حياتي التي انسلخت عن دائرتي الشخصية، لكونها مهدت للخلاص من أطماع تلك الأسرة في التوريث وهيمنة رأس المال و إغراق مصر في الديون والفساد والمواد المسرطنة على مدار 30 عاماً كاملة.. ثم جاء يوم 30 يونيو 2013 ليمثل ثاني تلك اللحظات الفارقة المفرحة، فقد مثل بداية النجاة من حكم عصابة الإخوان الإرهابية التي كادت تغرق مصر في دوامة من التقسيم والتطرف والجماعات الجهادية و الخلافة، وأخيراً جاء يوم 15 مارس 2015 ليحتل مكانة متفردة بين اللحظات الفارقة في حياتي، فيومها شعرت والمصريين من حولي، أن مصر تولد من جديد وتستعيد طاقتها وتستيقظ وتنهض لتواصل مسيرتها بين الأمم.  

اليوم  15 مارس 2015 .. التوقيت : 1.30 ظهراً .. المكان :  القاعة الرئيسية بمنتجع جولي فيل بمدينة شرم الشيخ ..الحدث : الكلمة الختامية للرئيس عبد الفتاح السيسي في آخر أيام مؤتمر دعم وتنمية الإقتصاد المصري .. كان لكل شيء يومها مذاق خاص .. المكان، الحضور، التنظيم، الصوت، الإضاءة، القاعة، المقاعد، ولكن كان المذاق الأكثر خصوصية في كلمات الرئيس الحماسية الدافعة نحو الأمام .. فكلمة "تحيا مصر" كانت تنطلق من فم الرئيس لتخترق قلوبنا كسهم نافذ، فيتحرك الدمع على إثرها من مآقينا .. كان "تحيا مصر" هتافٌ يلامس وجداننا، ويطلق الدمع، فنحن نسمعه بعد أن أوشكنا نشعر قبل 30 يونيو أننا سنمكث عقوداً طويلة في عصور الظلام والجهل والهمجية والتطرف .

كما كانت كلمات الرئيس مشحونة بطاقة لانهائية من التفاؤل والأمل في أن مصر تستيقظ وتنطلق، بل تندفع نحو مستقبل مشرق .. وإلى جانب الأمل، أفصح خطاب الرئيس عن جانب كبير من التحديات والصعوبات التي نواجهها بقدر كبير من الشفافية والوضوح، فقد كانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي حول التحديات واضحة ومحددة لا تحتمل التأويل، كان كالأطباء الغربيين الذين يواجهون المريض بمرضه حتى وإن كان المرض صادماً فاتكاً ومميتاً كالسرطان.. فقد كان الرئيس شديد الصراحة وهو يخبرنا أننا تأخرنا كثيراً، وأنه بات لزاماً علينا أن نركض لنلحق بركب الحضارة والتقدم .. "وياريت الجري كفاية" .. كان واضحاً حين كشف لنا أن ما أسفر عنه مؤتمر مصر المستقبل الاقتصادي ليس أموالاً مباشرة وإنما مشاريع تحتاج إلى سنوات لتنتهي وتبدأ العمل، مشاريع بقروض وفوائد وفترة سماح تفرض على "المصريين" كما قال الرئيس التزاماً بسداد أقساطها في توقيتاتها دون تأخير .. وكان الرئيس مباشراً حين كشف أمام ملايين المصريين كيف يتفاوض من حساب كرامته ليتمكن من توفير ملايين الدولارات من قوت هذا الشعب الكادح، وكيف أن مصر لا تحتاج أقل من 300 مليار دولار حين يمكن بناؤها من جديد ويتحقق كل ما يستحقه الشعب المصري من الرخاء والرفاهية.

  حظيت مصر في أعقاب مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، بقدر وافر من المساندة السياسية، والدعم الإقتصادي، والحشد الشعبي، كما أيقن العالم أجمع أن هذا الوطن ليس لقمة سائغة، فمصر أصبح لها قائد يصارح شعبه بالتحديات، وقادر على حشده في المصاعب والإحتفال معه في الإنتصارات، كما أن بها شعب يدرك جيداً ما يواجهه، ومستعد للعمل وبذل الجهد بكل صبر لتحقيق المستقبل الذي ثار من أجله مرتين، والرخاء الذي يستحقه له وللأجيال القادمة.  

الأحد، 22 فبراير 2015

السيسي .. ونخوة المعتصم




نامت مصر ليلة الأحد الماضي، الخامس عشر من فبراير، باكية، حزينة، مكسورة.. ثم إستيقظت صبيحة اليوم التالي، السادس عشر من فبراير، ضاحكة، فرحة، عزيزة .. كان السر وراء هذا التأثير السحري يكمن في تلك المقاتلات المصرية التي غادرت عرينها قبل أضواء الصباح، محملة إلى جانب الصواريخ والقذائف، بغضب 95 مليون مصري .. لم ينيمهم في تلك الليلة السوداء، مشهد الذبح المروع لـ 21 مصرياً على أحد الشواطئ الليبية على أيدي عصابات داعش .. خرجت الطائرات الغاضبة تطلب الثأر ، ثم ما لبثت أن عادت وقد إستعادت لهؤلاء المصريين الكرامة والشرف .

الشعب المصري فريدٌ من نوعه .. فلا أحدَ من بين شعوب العالم يستطيعُ أن يتحمل نصفَ ما يتحمله هذا الشعب، أو يفكر كما يفكر .. فحين تنطلق الطائرات الحربية في أية دولة ، يضع المواطنون أيديهم على قلوبهم، يهرعون ليغلقوا النوافذ بالترابيس، ثم يضموا أطفالهم إلى صدورهم في حنان ليمنحوهم السَكينة.. مجرد سماع هدير تلك الطائرات كفيل بإثارة الرعب لدى المواطنين، ودق ناقوس الخطر حول قدوم "الحرب"، وهي الكلمة التي تمقتها شعوب العالم، لما تحمله الحروب من ويلات ودمار و نار وفقدان للمسكن والمال والروح والأصدقاءوعلى العكس .. فإن سماع هدير الطائرات فوق سماء مصر كفيل بإثارة مشاعر البهجة لدى المصريين.

قد يرى البعض أن شريحة الشباب بين العشرين والأربعين هم الأكثر فرحاً بإنتفاض القوات المسلحة للثأر لدماء شهداء، فهم من ولدوا وعاشوا في عصور السلام والهدوء والإنسجام مع شعوب العالم، عصور الإنفتاح الإقتصادي والتبادل التجاري، عصور العولمة وتحول العالم إلى قرية كونية .. هم لم يشهدوا أي حرب على الإطلاق، ولم يقاسوا مرارتها .. هم من قضوا ثلاثون عاماً من عمرهم تحت حكم شخص واحد .. هم من لم يستشعروا إحساس العزة قط ولم يشعروا بفخر كلمة "الوطن"، هم من ضعف إرتباطهم بوطنهم إلى حد البحث عن فرص العمل خارج حدوده حتى ولو تعرضوا لخطر أن يكونوا لقمة سائغة لأسماك القرض وسط أمواج البحر المتوسط.

على الجانب الآخر، قد يشعر أباؤنا ممن تجاوزوا العقد الرابع بنوعٌ من الإنقباض وهم يسمعون هدير الطائرات الحربية يملأ سماء مصر، فهم من عاصروا عشرات الحروب بدءاَ بحرب فلسطين والعدوان الثلاثي وحرب 67 وحرب اليمن وحروب الإستنزاف، ثم حرب أكتوبر المجيدة .. معارك لرد الشرف وأخرى لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل .. حروب دمرت خلالها مُدن، وشردت خلالها أُسَر، وأخرت تقدم مصر نحو المستقبل .. هؤلاء نلتمس لهم العذر فهم من يعرفون حقيقة أن الحرب ليست نزهة، وأن إشعال فتيلها لا يعني بالضرورة أنك قادر على إخمادها ثانية، وأن خروج الطائرات لضرب مواقع خارج الحدود لا يضمن لها سلامة العودة إلى مممراتها مرة أخرى.


لاشك أن هذه الضربة العسكرية كانت رداً مناسباً ومتناسباً مع حجم الحادثة التي لم تتكرر على مر التاريخ، فكرامة المصريين كان لها دوماً ما يصونها ويدافع عنها حتى ولو تمت الحادثة خارج الحدود المصرية.. والأمثلة حول ذلك عديدة .. وإن كانت تلك الضربة تثير داخل البعض مخاوف التهور والإنزلاق أكثر في حرب خارج الحدود فعلى القيادة السياسية أن تتسلح بالحكمة والشفافية في طرح مايتعلق بتداعيات الضربة على الرأي العام، كي لا يكون المواطن المصري نهباً لقنوات معادية ومواقع مأجورة تتناقل قصصاً عن تدخلات برية في ليبيا وأخرى تتحدث عن رهائن مصريين جدد، فحين يتعلق الأمر بالأمن القومي لهذا الوطن فلابد لأن يكون للوطن منبر إعلامي واحد.

الأحد، 25 يناير 2015

شَيْمَاءْ الْصَبَاغْ .. وَأَشْيَاءُ أُخْرَىْ !


اللعنة على حالة الغليان التي تعيشها المنطقة العربية منذ نحو أربع سنوات .. وتيرة الأحداث تتسارع على نحو يبعث على القلق، ويجعل من الصعوبة بمكان، أن تقف للحظات لتراقب الأوضاع من حولك، وتخضعها للتحليل ، لاسيما أن تكتب عنها .فمنذ أيام، بدأت في كتابة تدوينة جديدة عن "فن المسافات" بين البشر والأحبة .. ولم أكد أنتهي من بضعة أسطر، حتى سقط النظام اليمني الجديد في فخ عصابة الحوثيين .. فقررت أن أكتب حول حالة اليمن ومستقبل مضيق باب المندب وقناة السويس .. وما أن أمسكت بالقلم، حتى غيب الموت العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.. فما أن أوشكت أن أنعي الفقيد العظيم حكيم العرب.. حتى سقطت شيماء الصباغ  !

رحم الله شيماء الصباغ وأسكنها فسيح جناته وألهم ذويها وطفلها الصبر .. ولعن الله قاتلها أياً كان ، وأياً كانت هوية البندقية التي كان يحملها ـ ملكي أو ميري ـ والتي أطلق منها الخرطوش الأسود ليغتال روح شيماء بكل خسة. والحقيقة أن زمن .. "الطرف الثالث" .. "اللهو الخفي" .. "الملثم" .. "اليد العابثة" قد مضى هذا الزمن ولملم أذياله ورحل .. والعدو الذي تواجهه مصر ، قد بدا، وظهر، وتجلي، وأطل بوجه القبيح، وبدأ يطلق الرصاص ويزرع العبوات الناسفة منذ نحو عام ونصف ضد الشعب بأكمله .. مواطنين وشرطة وجيش وقضاء . فالجماعة الإرهابية لا تدخر جهداً في سبيل إشعال  الشارع المصري وتحريكه في الإتجاه الذي يخدم مصالحها في عودة نظام المرشد ثانية إلى سدة الحكم، لذا أتعجب حين أجد من يسأل : من قتل شيماء الصباغ ؟ ، بل وأتعجب أكثر حين يشير البعض لأصابع الاتهام لوزارة الداخلية .

ولكن حين يواجه الوطن إرهاباً حقيقياً ويمضي لتنفيذ خطة جادة للإنقاذ الإقتصادي .. فإن آخر ما يحتاجه من مواطنيه ، الخروج للتظاهر .

وإلى باب المندب، حيث من المتوقع أن تفرض التحولات السياسية على أرض اليمن واقعاً جديداً في البحر الأحمر .. وربما أدرك اليوم فقط لماذا بعث جمال عبد الناصر قوات مصرية لتشارك في حرب اليمن في ستينيات القرن الماضي .. كنا ننعت هذا السلوك من جانب الزعيم الراحل، بالتهور وإقحام مصر في معارك لا ناقة لها فيها ولا جمل .. ولكن يبدو لي الآن كما كان يدرك أن كل ما يحدث في اليمن سيكون له صدى في مصر، وأنه لا يمكن السماح بأي حال من الأحوال لأي شيء يمكن له أن يؤثر يوماً ما على قناة السويس شريان الحياة . لست أحبذ أي تدخل عسكري مصري في أية بقعة في العالم ولكن على المصريين أن يدركوا أن وصول الحوثيين إلى الحكم في صنعاء يمثل تحدياً جديداً لمصر إلى جانب الحرب على الإرهاب، وسد النهضة، والنمو الإقتصادي، تحدياً لا يهدد حاضر قناة السويس بل ومستقبل القناة الجديدة ، وعلى مصر أن تعمل مع شركائها في العالم لضمان تأمين مرور السفن في مضيق باب المندب.

ولأشقائنا في المملكة العربية السعودية ، أتقدم باسم مدونة "موجة" بخالص العزاء في وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، متمنياً للملك سلمان بن عبد العزيز والأسرة الحاكمة الاستمرار في نهج المملكة في دعم قضايا الأمة العربية والإسلامية والسلام في العالم.  

الأحد، 11 يناير 2015

شَارلْ إِبدوْ .. فُرصةٌ أَخيرةْ !


لا أستطيع أن أخط حرفاً ، إلا إذا كنت غاضباً أو سعيداً .. فالمساحة الرمادية ما بين الشعور بالغضب و الإحساس بالسرور ، لا تمنحني الإلهام والإبداع ولا الطاقة الكافية للجلوس، والإمساك بالقلم، وإجتذاب الأفكار، لأكتب فوق الأوراق، تدوينة أو مقالاً أو رسمة أو حتى قصيدة شعر.. لابد أن يتملكني شعور واضح محدد وصريح .. إما أن يدفعني ما يحدث حولي لأن أتفجر غضباً ، أو يغمرني بالسعادة.

كل من إعتاد أن يكتب أو يرسم أو يمارس أياً من صنوف الإبداع ، لابد وأن يكون قد تملكه الغضب وهو يتابع حادث مجلة "شارل إبدو" الفرنسية وتداعياته .. إطلاق نار يودي بحياة 11 من الكتاب وراسمي الكاريكاتير ورجال الأمن بالمجلة .. حادث إرهابي رغم أنه ليس الأول ولن يكون الأخير، إلا أنه يختلف عما نشهده يومياً من أحداث إرهابية على وجه هذا الكوكب التعس ، لكونه تم ضد أصحاب رأي جرتهم أقلامهم إلى صنع رسوم ومقالات، كانت سبباً في إكتساب خصومة من يجدون في الرصاص وسيلة للنقاش ، وفي الدماء أسلوباً لحسم الخلاف .

والحقيقة أننا نحن المصريون قد أصابتنا "البلادة" تجاه الأحداث الإرهابية بعد أن غدت خبراً دائماً في نشرات الأخبار كل مساء .. فلم تعد تهتز لنا شعرة إذا ما سمعنا صوتاً مدوياً، بل أن البعض يرى في عملية تفكيك عبوة ناسفة فرصة جيدة للفضول والمشاهدة وإلتقاط صور "سيلفي" .. لقد أمسينا نتساءل عن عدد ضحايا التفجير الذي حدث كل يوم ، بالبساطة التي نسأل بها عن الساعة أو برودة الطقس.

ورغم ما أصابتنا من "بلادة" فقد راقب المصريون حادث "شارل إبدو" بمناظير مختلفة، حيث رأى المثقفين أن هذا الحادث يعد إنتكاسة في العلاقة بين الغرب والدول الإسلامية والعربية، حيث يعيد تشويه صورة الإسلام وربطه بالتطرف بشكل يساهم في لجو الغرب إلى ممارسات عدائية ضد المسلمين، تتمثل في المزيد من التفتيش والحذر والتعقيدات تجاه رعايا الدول الإسلامية والعربية عند منحهم تأشيرات الدخول للدول الغربية أو عند إقامتهم في تلك البلدان.

على الجانب الآخر، رأى البسطاء من المصريون وهم السواد الأعظم ـ وأنا منهم ـ أن هذا الحادث نقطة في صالح مصر، فلابد لهذا الحادث المؤلم أن يدفع فرنسا ومن وراءها الدول الغربية إلى إعادة حساباتها فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب ، وإدراك أنها أخطات يوم تركت مصر وحيدة في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب .. وأنه ينبغي على تلك الدول اللحاق بركب مصر ليخوض العالم أجمع حرباً عالمية مشتركة للقضاء على الإرهاب الذي لا يحصد سوى الأبرياء وتجفيف منابع تمويله .. إنها الفرصة الأخيرة التي على تلك الدول الغربية أن تقتنصها ، خاصة إذا كانت لم تنسى بعد أنها هي من صنعت هذا الإرهاب وقامت برعاية رموزه ثم أعادت تصديره إلى بلادنا.       

الثلاثاء، 6 يناير 2015

لهذا أسميتها "موجة" !!


أنا مدون ولست مدونة  !!

منذ أطلقت المدونة يوم الإثنين الموافق 19 نوفمبر 2007  ، أسميتها "موجة" .. وأوضحت في التدوينة الأولى، لم أسميتها "موجة" .. وأنه برغم كوني لا أتقن العوم فإني أعشق البحر إلى درجة أني أعتبره صديقي الأقرب ، فهو الوفي الذي أفضي إليه بكل ما يدور في داخلي من أفكار وهواجس وآمال، فلا يفشي سري لأحد .. كما أني أشعر أن أمواجه تبعث في داخلي السكينة إذا أقبلت على الشاطئ بهدوء، وأخالها تعنفني إذا ضربت الشاطئ بعنف .. بل بلغ عشقي للبحر أن تمنيت يوماً لو أصبحت "موجة" ، تتحرك بحرية بين الشطآن، موجة قادرة رغم تكوينها الضعيف على نحت صخور الشاطئ إذا تسلحت بالصبر ، موجة بإمكانها أن تساعد السفن على أن تصل لوجهتها في سلام، وقادرة في أحيان أخرى أن تدفعها نحو الأعماق. 

لهذا أسميت المدونة "موجة" ، ولم أتصور حينها أن هذا الإسم سيدفع الكثيرون إلى الظن أن محرر هذه المدونة هي "أنثى" ، ربما يكون معهم الحق في هذا الظن ، فـ"موجة" إسم مؤنث ، يكاد يكون الأقرب إلى أن تختاره مدونة وليس مدون ، ولهذا أحببت أن أوضح لكل من يزور مدونتي المتواضعة من زوار أعزاء ، أنني محرر هذه المدونة هو في الحقيقة مدون ، ولكننا إعتدنا جموع المدونين على أن نطلق على مدونتنا الإسم الأقرب إلينا ، الإسم الذي يشبهنا أكثر من غيره، وأنا لم أجد إسماً أقرب إلي، أو يشبهني، أكثر من "موجة" .. لذا أسميتها مدونة : موجة.


قد تكون الفرصة سانحة لكي يعلم زوار المدونة عني المزيد، أنا شاب، أقترب من العقد الثالث، الإبن الثاني بين خمسة أبناء وبنات، زوج، أب لإبن وإبنة، من مواليد برج الأسد، أعمل في وظيفة حكومية مرموقة، أعشق القراءة والكتابة والرسم، "رغَاي" أحادث نفسي إذا لم أجد من أتحدث معه، لا أحب من الخضراوات الطماطم ولا من الفاكهة الكنتالوب، غير مدخن، أسري، لا أحب المرتفعات، مبذر لا أتقن التوفير، أعشق الشتاء والسير تحت المطر، لا أحب النوم، منضبط المواعيد.   

الخميس، 1 يناير 2015

ماذا لو ... ؟!


إعتدنا كلما أوشك عام على الإنقضاء، واقترب آخر من القدوم .. أن يجلس كل منا ليسترجع ما حدث خلال العام المنصرم .. ماذا حقق، في ماذا أخفق، اللحظات الحلوة، والساعات المرة، ما كسبه، وما فقده، لمن سبب الفرح، ولمن تسبب في الحزن .. وما أن تتسابق عقارب الساعة لتعلن إنتصاف ليلة 31 من ديسمبر .. يغلق كل منا عينيه .. لتبدأ شفتيه في التمتمة بما يختلج في صدره من أمنيات، يرجو أن تتحقق في العام الجديد، مزيد من السلام، والنجاح، والسعادة، والمفاجئات السارة.

أعلم أن "لو" كلمة عبثية، لاقيمة لها، تعد بمثابة ندب، وبكاء على اللبن المسكوب .. بل توصف "لو" بأنها "تفتح عمل الشيطان" .. ولكنني اليوم، وأنا أتذكر ما كان من شأن عام 2014 ، وأحاول التعليق على زخام الأحداث الذي شهده هذا العام الحافل، لا أجد سوى تعليق واحد : ماذا لو ؟!

ماذا لو كانت ثورة الثلاثين من يونيو باكورة ثورات مصر في الفترة الراهنة ؟ 
لقد كانت ثورة 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار ثورة 25 يناير، حيث شهد عام 2014 إجراء الإستفتاء الشعبي على الدستور الجديد في شهر يناير، ثم إنتخاب الرئيس في شهر يونيو، قبل أن تستعد البلاد حالياً لإختيار مجلس النواب في إبريل 2015 .. لقد بدأت مصر منذ مطلع عام 2014 تسير وفق خارطة الطريق التي ينبغي أن تتبعها عقب رحيل الرئيس مبارك في 11 فبراير 2011 ، ولكن مضى الوطن مدفوعاً بأطماع التيارات الإسلامية في طريق مشوه بدأ بإنتخاب برلمان 2012 أولاً ثم الإستفتاء على دستور مشبوه وأخيراً إنتخاب رئيس شكل نقطة سوداء في تاريخ مصر الحديث .. إن ما خسرته البلاد منذ إندلاع الثورة الأولى وحتى تفجر الثورة الثانية من نزيف سياسي وإجتماعي وإقتصادي وأمني ، هو ما يدفعني إلى أن أتساءل : ماذا لو ؟  


ماذا لو كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أول رؤساء مصر بعد ثورة 25 يناير ؟ 
ليس تملقاً فلا أتقن فنون النفاق ، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي نجح منذ توليه المسئولية في يونيو 2014 في أن يضيف إلى منصب الرئيس ومؤسسة الرئاسة نكهة من الإنضباط والرقي والتناغم والإنسانية التي كانت غائبة منذ عقود .. كما كان الرئيس السيسي بعثاً لفخر المصريين منذ رأوه يدخل قصر الرئاسة لأول مرة بمشية عسكرية واثقة ، وحتى شاهدوه خلال زيارته الأخيرة للصين يتحرك ويتعامل بحيوية وندية بدأت تعيد لمصر الكثير من مكانتها وثقلها الدولي الذي كادت تفقده .. لقد تمكن الريس السيسي من توحيد غالبية المصريين حول أهداف وطنية ومشروعات قومية كانت كفيلة ليهرع رجال الأعمال والمصريين البسطاء كتفاً بكتف للمساهمة ولو بقدر يسير في دعم إقتصاد مصر وإدراك أن بإمكان أي مواطن مصري مهما كان بسيطاً أن يساهم ويؤثر في مستثبل بلاده ويضمن لها أسباب الرفعة والتقدم.

ماذا لو كانت حكومة المهندس إبراهيم محلب بديلة عن حكومة الفريق أحمد شفيق ؟
فماذا لو كان قد تم تكليف المهندس إبراهيم محلب في 31 يناير 2011 بتشكيل الحكومة بديلاً عن الفريق أحمد شفيق ؟ فمن يعرف المهندس إبراهيم محلب عن قرب ، يدرك أن تشكيله للحكومة بعد ثورة 25 يناير قد تأخر لثلاث سنوات ..  فقد ساهم المهندس إبراهيم محلب منذ توليه المسئولية في مارس 2014 في إحداث ثورة في منظومة العمل في مختلف القطاعات في الدولة ، وذلك نتيجة حرصه على الدمج بين عقد اللجان والإجتماعات وبين الزيارات الميدانية والجولات المكوكية في المحافظات المختلفة .. إنه نموذج أكثر شباباً من كثير من الشباب .. فرغم أعوام عمره السبعين إلا أنه قليل النوم ، كثير الحركة ،لا  يهدأ، ولا يخاف، ولا تفتر عزيمته، رغم كل ما يواجهه من صعوبات تتعلق بميراث عريق من فساد الإدارة وتعقيدها .. لقد ساهمت حكومته في إعادة جانب كبير من الأمن وإيقاف نزيف الإقتصاد وإعادة الثقة إلى المواطنين والسائحين والكثير من رجال المال والإقتصاد والمستثمرين.

ماذا لو لم تظهر جماعة الإخوان وجهها شديد القبح والوحشية والتطرف ؟ 
أظل أتساءل ماذا لو غادرت جماعة الإخوان المشهد السياسي بهدوء عشية ليلة الثلاثين من يونيو 2013 ؟ ماذا لو لم تحشد كل ما تمتلكه من أسلحة وحقد وكراهية لتدخل في مواجهة شاملة مع مصر بشعبها وجيشها ورجال أمنها ؟ لقد شهد عام 2014 نزيفاً مؤلماً من مواطني مصر وجنودها البواسل في معركة ضارية ضد إرهاب أسود لا يراعي حرمة الدماء بين أبناء الشعب الواحد .. وتظن الجماعة أن الشعب المصري يدفع ثمن وقوقفه بجوار جيشه في هذه المعركة، والحقيقة أن الجماعة من خلال هذه المعركة تحترق، وتنتحر سياسياً، وتلتف كالحية حول جسدها لتخنقه .. إنها لا تواجه بلادها فحسب بل تتآمر عليها مع كل من يمد لها يد العون من قوى خارجية وأجهزة إستخبارات معادية، ولكن يظل الكثير من المصريون يؤمنون أن عام 2014 بقدر ما كان مؤلماً لهم بقدر ما كان سعيداً للخلاص من هذه العصابة التي كادت تعبث بمقدرات أمن الوطن وتعيده إلى الوراء قروناً نحو الظلام.    

على الصعيد الشخصي كان عام 2014 سعيداً ، رزقني الله في 17 سبتمبر بكريمتي "كرمة" ، كما حققت في مجال عملي الكثير، رزقني الله وإياكم الصحة والسعادة :)
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...