الجمعة، 22 مايو 2009

كيف تتمنى أن تموت


قتل الرئيس محمد أنور السادات برصاص غادر.. وتشظى رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري بسيارة ملغومة.. وتمت تصفية الجاسوس الروسي المنشق الكسندر ليتفينينكو بجسم مشع .. أما جارنا عم عزمي فقد مات بحبة زرقاء.. حبة فياجرا

هكذا قدر الزعماء.. تناسى للحظة قلبه السقيم ذو الشرايين التالفة ولم يحتمل نداء جسد زوجته المتصابية في ليلة الخميس.. فإلتقم حبة زرقاء.. لم يمهله القدر الدقائق الكافية لفعل أي شيء.. ولم يمهله حتى أن يصل إلى فراشه.. فسقط في غرفة المعيشة.. إرتفاع في ضربات القلب وسيول من العرق غرق وسطها فاقدا للوعي.. ثم مات

الموت علينا حق.. ينتزع الروح أينما كنت وفي أي لحظة.. ولكن الأمر بالنسبة لجارنا عم عزمي لم يستهلك سوى لحظات.. لحظة تهور كانت فاصلة بين "لحظة شهوة" أنسته قلبه الواهن.. ولحظات من الحزن غرقت فيها أسرته.. أرملة وثلاث أبناء.. ذلك كان ما إعتمل في صدري من إحساس وما قفز في ذهني من أفكار.. سؤال واحد.. كيف تتنمى أن تموت؟؟؟ في إطار متفق عليه من الرغبة الصادقة لكل إنسان في أن يحظى بحسن الخاتمة... أطرح ذلك التساؤل.. كيف تتمنى أن تموت؟؟؟ في غرفة نائية مظلمة أم على الهواء مباشرة في عرض عسكري.. في غرفة العناية الفائقة أم في ميدان معركة ضارية.. في حطام سفينة غارقة أم بين ركام طائرة هاوية.. طعينا بخنجر أم حريقا وربما غريقا.. بجسم مشع أم سم زعاف.. أو رصاصة نافذة لاتتجاوز الدولارين..كيف تتمنى أن تموت؟؟؟

لست قاتلا محترف كما سيتبادر إلى ذهن البعض.. ولست أنوي الدخول في جدل دياليتيكي أو سوفسطائي حول قضية محورية في حياة بني البشر وهي الموت.. النهاية المحتومة لكل كائن حي.. فأنا لا أتمنى أن أموت جبانا.. ولا أتمنى أن أموت على سرير في غرفة نومي أو في فندق أو في مستشفى.. مات خالد بن الوليد على سريره بعد أن أفنى حياته في ميدان القتال فقال قبل أن يلقى ربه.. ها أنا ذا أموت على سريري كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء.. حاشا لخالد أن يكون جبانا ولكني لاأتمنى أن أموت كذلك.. كم تمنيت أن أموت واقفا في أي ميدان قتال أو علم أو عمل.. فكله جهاد.. سمعت أن الزعماء يصنعون موتتهم في حياتهم.. فبقدر مافي حياته من تفاعلات بقدر ما تكون موتته.. هي ليست قاعدة عامة على أي حال.. ولكن ماكان مقبولا لعبد الناصر أن يموت هانئا على فراش وثير.. فما حمله من هموم كان فوق طاقته.. وكذلك السادات بعد حياة حافلة في ميادين القتال والسياسة والتفاوض كان حادث المنصة استكمالا لمشواره هذا كله.. وما كان لهتلر أن يموت إلى منتحرا، وان لم ينتحر فلم يكن أمامه خيار غير أن يجاور موسوليني ليعلق من قدميه بعد إعدامه في ميدان عام.. لذلك أتمنى أن أموت واقفا على قدمي.. اللهم أرزقني حسن الخاتمة..

الخميس، 7 مايو 2009

حبيبتي.. آخر أنثى على سطح الكوكب




إذا كان الرجال.. كل الرجال.. قد لقوا حتفهم في حرب 73 .. فلم يبقى إلا أنا..
كلنا نحن الرجال نقول هذا.. فكل رجل تنتفض ذكورته إذا مس أحدهم هذه المنطقة الحمراء المحظورة.. فهو لايرى في أي مسلك يسلكه مايمكن أن ينتقص من ذكورته.. قد يكون كاذبا.. خائنا.. منافقا.. نذلا.. غير وفي.. ولكنه "راجل وسيد الرجالة"..
وكذلك الإناث.. فكل أنثى لا تعبأ إلا برأي مرآتها التي لاتختلف عن مرآة زوجة الأب الشريرة في قصة سنووايت.. تسألها كل صباح وهي تمشط شعرها.. مين أجمل ست في الدنيا.. فتجيب المرآة.. "إنتي ست الكل"..
يبقى رأي كل طرف في الآخر.. فلا غنى للرجال عن النساء.. ولابديل للنساء عن الرجال.. وإسمحوا لي هنا أن أقترب أكثر من وجهة نظر الأنثى.. فأنا في النهاية رجل.. أنشد أقصى درجات التفاهم والسعادة في كل لحظة أعيشها مع من أحب.. وهي أنثى.. آخر أنثى على سطح الكوكب.. هكذا أراها وهكذا يراها المحيطون فهكذا هي فعلا.. أنثى كما ينبغي للأنثى أن تكون..
لن تجد الأنثى رجلا عاد إلى الحياة بعد أن كان في عداد القتلى في حرب 73.. ولايقبل منطق أن تكون هذه الفكرة جملة التعزية لمن تجاوزن سن الزواج.. يواسين أنفسهن بأن لارجال فوق سطح الكوكب.. فلن يخفف هذا عنهن نار العنوسة.. وفي المقابل كيف تتعايش المرأة مع من لاتعترف به كرجل؟؟ سؤال صادم ولكن الأمر لايحتمل بأي حال من الأحوال تعابير لغوية أو عبارات كلاسيكية.. الأمر يتطلب المواجهة.. ولاأعني هنا بالتأكيد مواجهة بين الرجال والإناث فهذه الفكرة تقترب من كونها دعوة إلى حرب عالمية ثالثة.. إن ما أعنيه وبدقة.. مواجهة كل طرف لذاته.. أن يستبدل مرآة زوجة الأب تلك بالمرآة الأخرى الصادقة التي أفشت بوجود من هي أجمل منها، وهي سنووايت..
ولنبدأ بالأنثى ودعوني أولا أطرح عليكم بصراحة ووضوح ـ وليجنبني الله سخط بنات حواء.. حفيدات شجرة الدر أو هند بنت عتبة أو مدام تيناردييه في رواية البؤساء ـ أن أطرح مفهومي للأنثى.. واسمحيلي حبيبتي أن استحضرك مثالا لما أقول..
لقد فارقت روح الأنثى معظم إناثنا.. فمن وراء المشربية والملاية اللف خرجت الأنثى إلى النور تشارك الرجل جنبا بجنب مسيرة التعليم.. ومع بلوغها مراتب عليا في التعليم الجامعي ومابعد الجامعي تسلل إلى الإناث شعور بالتمرد على بقاءها بين جدران البيت وقد أصبح حاصلة على مؤهل جامعي.. وخرجت المرأة بشكل مطرد إلى ميادين العمل المختلفة.. كل هذا لايمكن أن يشكل مبررا لفقدان المرأة أنوثتها.. ربما كان هناك علاقة طردية بين المرأة العاملة وفقدان الأنوثة رغم أني لاأرجح ذلك.. وإن كنت لا أنفي التهمة عن "العمل" ولكن الأمور سارت برأيي في إتجاه آخر ودعوني أتخلص من ذلك الحديث النظري لكي يسعفني الوقت في توضيح ماأريد.. ولننتقل إلى صورة عملية أكثر وضوحا.. تتعلم البنت فينمو في داخلها أن لافارق بينها وبين الرجل.. هي وهو في قاعة درس واحدة.. بل يمكنها أن تتفوق عليه بجدها.. تنسى أنوثتها لكي لاتشكل عائقا يحدها من إستكمال ماتمضي به في عالمها الذي أحبت والذي لم يعد يقف عن معيار النوع في أي إختيار وأي مضمار.. حملت شهادتها وخرجت إلى ميدان العمل تلبي رغبة بداخلها بالمساواة بينها وبين الرجل.. ولست أجد أي غضاضة في هذا.. ولكن المساواة لم تكن تعني أبد أن تكون مثله.. وأن تنسى أنها أنثى.. فهذا التصور بداخل الأنثى كان سببا مباشرا في زيادة نسبة من تجاوزن سن الزواج من جانب، وتعكير صفو العلاقات بين المتزوجين من جانب آخر.. فالرجل في وجهة نظر كثير من النساء قد فقد محددات قوامته.. انها قد تتجاوزه في ميدان التعليم في الدرجة العلمية وقد تتجاوزه في ميدان العمل في الدرجة المالية.. فكيف يكون رجلا من فقد تلك القوامة؟؟؟
تلك وجهة نظر كثير من نساءنا وهي وجهة نظر مريضة كان لها الذراع الأطول في القضاء على أنوثتهن بأيديهن.. فمعظم زميلاتي في الجامعة كن فاقدات لمعاني الأنوثة وكذلك معظم من رأيت في ميدن العمل.. وبين المريضات بهذه الفكرة وتطبيقاتها كنت ابحث عن شريكة حياتي كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.. ففيها وجدت الأنثى المختفية وسط ذلك المسخ ( الأنثوي ـ الذكوري ) .. كانت وكأنها آخر أنثى فوق سطح الكوكب.. تعي جيدا حدود الأنثى وتتحرك خلالها.. ليس كمن يسرن على حدود الذكر فتزل أقدامهن في عالم الذكور.. فهن ذكورا وإن كن يحملن من خصائص الإناث مالايتجاوز الخصائص الفسيولوجية فحسب.. فحبيبتي رغم أنها قد حصلت على أعلى شهادات البكالوريوس من أعلى كليات القمة إضافة إلى أعلى المستويات في اللغات الأجنبية فإنها لاتجد غضاضة في أن تكون شهادتها سلاحا بيدها لتربية أبناءها فحسب.. إنها لاترى في كل هذا تذكرة مرور إلى ميدان العمل بل تغلق بيديها كل الأبواب التي تناديها في مواقع مرموقة من أجل غاية أسمى.. هي أن تحس بأنوثتها في بيتها.. ولن أجد خيرا من هذا ليشعرني برجولتي..
ولكن هذا يستدعي مني الكثير والكثير لأكون جديرا بشراكتي لها في الحياة.. وليتني أستطيع.. فإنها أنثى كما ينبغي للأنثى أن تكون.. ولاأظنها تقبل إلا أن يكون شريكها في حياتها.. رجلا كما ينبغي للرجال أن تكون..
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...