السبت، 12 فبراير 2011

الكتابة خارج أسوار الخوف


مازلت أؤمن أن الكتابة ضرب من ضروب الخوف.. أو نصف الخوف.. خاصة إذا كتبت على لوحة مفاتيح بأصابع مدون وراء إسم مستعار.. لذا تأخرت في الكتابة عن إرهاصات ثورة 25 يناير وتداعياتها.. ولا أعرف سبباً لهذا غير ما يبدو من أني قد أدمنت الهتاف.. فبعد سنوات من الكتابة كان في إستطاعتي أخيراً الخروج إلى ميدان التحرير لأهتف وسط أمواج الجماهير.. الشعب يريد إسقاط النظام.. هتفت وصرخت حتى أسمعت الميدان كله.. صرخت حتى بح صوتي.. ولم تكن هذه الصيحة مباحة بأي حال من الأحوال لي ولا لغيري قبل هذا التاريخ إلا على صفحات مدونة وراء إسم مستعار.. صيحة مخنوقة مكتومة الصوت.. صيحة لاتفي في التعبير عن مكنون الصدور


عدت اليوم لأمسك القلم كي أنقل لكم شعوري وأنا أرقب جموع المواطنين تصطف أمام لجنة الإستفتاء على الدستور في قريتي المتواضعة التي لايعرف أكثر من 20% من سكانها ماهو الدستور.. فبعد أن ضقت ذرعاً بالحوار المحتدم بين المثقفين في مقاهي القاهرة وميادينها وعلى صفحات الفيسبوك وجروباته بين الصارخون بنعم والمتشبثون بلا.. آثرت أن أرقب الوجوه البسيطة والقلوب البيضاء في قريتي وهي تستعد للإدلاء بصوتها لأول مرة بإيمان عميق في قلوبهم أن لصوتهم قيمة.. فلن تقف هذه العجوز المسنة المستندة على ذراع حفيدتها إلا إذا كانت تؤمن أن لصوتها قيمة.. ولن يقف هذا الفلاح بوجهه الأسمر ولا ذلك الرجل السائر على عكازين ولا الجالس على كرسي متحرك ولا هذا الشيخ الضرير إلا إذا كان بداخلهم إيمان عميق أن لصوتهم قيمة.. فقد هتفوا بسقوط النظام فسقط.. وبرحيل حكومة شفيق فرحلت.. واليوم يهتفون فوق بطاقة الإستفتاء بين الموافقة على التعديلات أو المطالبة بدستور جديد



ملاحظة واحدة خرجت بها من يوم الإستفتاء.. ملاحظة سلبية واحدة لاقيمة لها بين مئات الملاحظات الإيجابية ولكنها تستحق منا وقفة.. فبعد أن أثبت ميدان التحرير أن لافرق بين مسلم ومسيحي.. فالمسيحييون قاموا بحماية ظهور المسلمين أثناء صلاتهم في الميدان وكذلك المسلمون أثناء قداس الأحد.. الكنائس ظلت ثمانية عشرة يوماً دون حراسة ولم يكسر فوق سورها مصباح كهربائي.. فكيف نسمح لذيول النظام بأن يحيلون الإستفتاء محلوة جديدة للفرقة بين طرفي الأمة.. كيف نسمح لهم بعد أن ذقنا الأمرين من نظام غاشم مسلمين ومسيحيين.. فكيف بعد أن عادت لنا الحرية مسلميين ومسيحيين نسمح لحثالة هذا النظام مرة أخرى بالوقيعة.. هل بهذه السهولة والسذاجة نخسر مجهود أسابيع نجحت في إسقاط النظام.. هل بهذه السهولة نسمح للنظام الغاشم بالعودة على أطلال وطن



ثلاث كلمات أسقطت نظام مبارك.. مصر مش تونس .. بكل مافيها من صلف وغرور وثقة كاذبة مكذبة في نفوس دنيئة.. بكل مافيهاأروع مافي ثورتنا.. أنها أسقطت كل الحدود.. فخرج الشعب المصري من خلف كل السدود.. بكافة طبقاته وعقائده وأيدلوجياته وألوانه وتصنيفاته.. طالب الجامعة الأمريكية في يد طالب جامعة القاهرة.. يد العاطل في يد مدير تسويق جوجل.. يد الفلاح في يد الطبيب.. يد المسلم في يد مدموغة بالصليب
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...