الأحد، 6 يناير 2013

نحن ندفع الثمن !

حقيقة الأمر أننا منذ إندلاع ثورة 25 يناير وحتى هذه اللحظة لم نحقق شيئاً.. إننا نحصد فحسب كل ما غرسه نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك.. نتحاسب على ذنوبه وهو راقد بهدوء في جناحه الطبي الفاخر.. ندفع فاتورة طعام لم نأكله.. وشراب لم نرتشفه.. وثياب لم نرتديها.. ومصباح كهربائي لم نضئه يوماً.. هذا ما نفعله نحن المصريون منذ غادرنا ميدان التحرير في 11 فبراير مبتهجين بعد أن أعلن اللواء عمر سليمان نائب الرئيس في بيان مقتضب رحيل مبارك.. فقد ترك لنا المخلوع تركة مثقلة نرزح تحت وطأتها حتى لحظة كتابة تلك السطور.. ولعل من أبرز جوانب هذه التركة ما يلي :ـ

الجهل : 

هو أكبر خطايا الرئيس السابق التي نتحمل آثارها السلبية هذه الأيام.. وحاشا أن أقصد بالجاهل عامل بسيط     أو فلاح كادح أو شحاذ بائس.. فالجهل فيروس يمكنه أن يخترق أي جمجمة حتى وإن كانت لخبير إقتصادي، أو محلل سياسي، أو أستاذ جامعي، أو عالم من علماء الكتاب والسنة.. ومبارك كان كأي رئيس شمولي يخشى العلم، ويخاف من تزايد الوعي لدى المواطن المصري.. صحيح أنه لم يحرم إستخدام الراديو كالسطان قابوس حاكم سلطنة عمان في بداية حكمه، ولم يحظر تداول الصحف والمجلات كالإمام يحيى الزيدي في اليمن قبيل ثورة السلال.. إلا أنه كان حريصاً على تكريس الجهل وضعف الوعي والسطحية بشتى الطرق، سواء عبر نظام تعليمي فاشل، أو إعلام مدمر موجه، أو سينما هابطة، أو أغاني مسفة.. فالجاهل يسهل قيادته، التأثير فيه، توجيه صوته الإنتخابي.. جعله يحس بالرخاء وهو لا يجد قوت يومه.. وجعله يشعر بالإنتصار وببلاده تعيش أسوأ هزيمة.. وأراهن أن السيدة الأولى سوزان مبارك تعض أصابعها اليوم ندماً على مشروع مكتبة الأسرة أو القراءة للجميع الذي دشنته وأعتقد أن كان له دور كبير في نشر الوعي لدى الكثير من البسطاء وخاصة الشباب الذين قاموا بالثورة.

العنف :

يتحمل الرئيس مبارك ومن وراءه جهازه الأمني جزءاً كبير من المسئولية عن العنف الذي تعيشه مصر حالياً.. وإذا سلطنا الضوء على (التيار الإسلامي) فأحياناً أجده ضحية للنظام السابق.. الذي ساهم بصورة مباشرة    في كل ما نراه من ذلك التيار من عنف و عصبية ورغبة في الإستئثار بالحكم وإقصاء الآخر.. إنه يبدو كمارد خرج من القمقم وأقسم أن لا يعود.. فالآلة الأمنية للنظام السابق مارست كل أنواع القهر في حق هذا التيار ورجالاته.. بحيث كان إطلاق اللحية أو حضور دروس دينية مبرراً للإعتقال لشهور في سجون أمن الدولة.. مبرراً لإقتحام بيت آمن في ساعات الظلام وإرهاب أطفاله و هتك ستر نساءه.. ناهيك عن ما كان يتعرض له هؤلاء في السجون من تعذيب وظلم وألم دون ذنب يذكر.. لهذا وصل (التيار الإسلامي) إلى هذه الدرجة من الرغبة في الحكم دون إستعداد للتوافق مع أي من القوى السياسية.. فهم يعتقدون أن أي تنازل سيسقدمونه يمكن أن يدفعه خارج إطار اللوحة السياسية.. وأي خروج عنها هو في نظرهم عودة إلى السجون والمعتقلات.. إنها معركة البقاء.. أكون أو لا أكون. 

الفراغ السياسي :

كان الرئيس السابق حريصاً كل الحرص على أن يبقى الوطن رهينة كيان سياسي واحد أوحد قوي هو (الحزب الوطني الديموقراطي).. كان يرى في بروز أي حزب سياسي نوعاً من المنافسة غير المقبولة فيحاول جاهداً أن يقضي عليه وهو ما يزال جنيناً قبل أن يشب عن الطوق.. كان يرى ضرورة أن يكون كل شيء في مصر تحت السيطرة.. حتى المعارضة.. كان يحرص على أن تكون مستأنسة تمارس نشاطها تحت نظر الحكومة ووفق قواعد اللعبة التي تضعها هي.. فلا يجرؤ حزب على الترشح في الإنتخابات البرلمانية إلا على عدد المقاعد التي يحددها الحزب الحاكم ووفق نسبة محددة.. لذا كان للنظام السابق يد طولى في إضعاف النشاط الحزبي في مصر وترك الساحة المصرية تعيش فراغ كبير في أعقاب ثورة 25 يناير لم يستط ملأه سوى جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي.. سواء عبر التحرك في الشارع أو تقديم الزيت والسكر .. سيان.. فهذا لن يغير من حقيقة الواقع شيئاً وهو أن أمام مصر عشرات السنين حتى تستطيع الأحزاب السياسية الوليدة تكوين قاعدة شعبية تسمح لها بمنافسة التيارات الدينية في الإنتخابات البرلمانية أو الرئاسية.   


هناك 3 تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...